ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ؛ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪ، ﻭﺃﺭﺟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺐ، ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻓﻘﺪ ﺩﻋﺎ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﻓﻘﺔ ﺳﻴﺪ ﺍﻷﻭﻟﻴﻦ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ؛ ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻳﻼﺯﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻓﻲ ﺧﻴﺮ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﻭﺃﻓﻀﻠﻬﺎ، ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻳﻘﻮﻝ : )) ﻗﺪ ﺻﻠﻴﺖ ﻣﻨﺬ ﻛﺬﺍ ﻭﻛﺬﺍ، ﻣﺎ ﺻﻠﻴﺖ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﻭﻻ ﺗﻄﻮﻋﺎً ﺇﻻ ﺩﻋﻮﺕ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺩﺑﺮ ﻛﻞ ﺻﻼﺓ ) )
( [ 2 ] ) ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ )) ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﺋﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﺃﻛﺎﺩ ﺃﻥ ﺃﺩﻉ ) )
( [ 3 ] ) ، ﺃﻱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﺎﻝ ﻫﻤّﺘﻪ، ﻭﺷﺪّﺓ ﺣﺮﺻﻪ ﻟﻤﻄﻠﻮﺑﻪ، ﻭﺳﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻫﻮ ﻣﻊ ﺃﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ، ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻳﺼﻠﻲ، ﻭﺇﺫﺍ ﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ( ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ) ، ﻓﺎﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ، ﻓﺠﻌﻞ ﺍﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﻳﺪﻋﻮ ﻭﻫﻮ ﻗﺎﺋﻢ ﻳﺼﻠﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ )) ﺍﺳﺄﻝ ﺗﻌﻄﻪ، ﺍﺳﺄﻝ ﺗﻌﻄﻪ ) ) ( [ 4 ] ) .
ﻗﻮﻟﻪ : )) ﺍﻟﻠَّﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻻ ﻳﺮﺗﺪ ) ) : ﺃﻱ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﻳﺎ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﺛﺎﺑﺘﺎً ﻗﻮﻳﺎً، ﻻ ﺷﻚّ ﻓﻴﻪ، ﻭﻻ ﺗﺮﺩّﺩ، ﻭﺃﻥ ﺗﻌﺼﻤﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺩّﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻄﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻷﻧﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻌﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺑﻦ ﺣُﺒﺸﻲ ﺍﻟﺨﺜﻌﻤﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳُﺌﻞ : ﺃﻱ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﻓﻀﻞ؟ ﻗﺎﻝ )) ﺇِﻳﻤَﺎﻥٌ ﻟَﺎ ﺵَﻙَّ ﻓِﻴﻪِ ) ) ( [ 5 ] ) .
ﻗﺪﻡ ﺩﻋﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﺜﺎﺑﺖ ﻗﺒﻞ ﺳﺆﺍﻟﻪ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﺇﻻ ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ .
ﻗﻮﻟﻪ : )) ﻭﻧﻌﻴﻤﺎً ﻻ ﻳﻨﻔﺪ ) ) : ﺃﻱ ﻧﻌﻴﻤﺎً ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ، ﻭﻻ ﻳﻨﻘﺺ، ﻭﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ، ﻭﻫﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ": ﺇِﻥَّ ﻫَﺬَﺍ ﻟَﺮِﺯْﻗُﻨَﺎ ﻣَﺎ ﻟَﻪُ ﻣِﻦْ ﻧَﻔَﺎﺩٍ " ( [ 6 ] ) ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻬﻮ ﺯﺍﺋﻞ، ﻭﻣﻨﻘﺺ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : " ﻣَﺎ ﻋِﻨْﺪَﻛُﻢْ ﻳَﻨْﻔَﺪُ ﻭَﻣَﺎ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺑَﺎﻕٍ " ( [ 7 ] ) .
ﻭﻗﻮﻟﻪ : )) ﻭﻣﺮﺍﻓﻘﺔ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺨﻠﺪ ) ) : ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﺍﻓﻘﺎُ ﻟﻠﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﻄﻒ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ؛ ﻟﻌﻈﻢ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ، ﻓﻬﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ، ﻭﺃﺭﻓﻌﻪ، ﻭﺃﻛﻤﻠﻪ، ﻭﺃﻋﻼﻩ، ﻓﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻄﻠﺐ ﺃﺧﺮﻭﻱ، ﻋﻈﻢ ﺭﻏﺒﺘﻪ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻤﻼً ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ )) ﺇِﺫَﺍ ﺩَﻋَﺎ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﻓَﻠَﺎ ﻳَﻘُﻮﻟَﻦَّ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺇِﻥْ ﺷِﺌْﺖَ ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻟِﻴُﻌْﻈِﻢْ ﺭَﻏْﺒَﺘَﻪُ ﻓَﺈِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻟَﺎ ﻳَﺘَﻌَﺎﻇَﻢُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺷَﻲْﺀٌ ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ ) ) ( [ 8 ] ) .
ﻭﻗﻮﻟﻪ : > ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺠﻨﺔ :< ﻷﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﺩﺭﺟﺔ، ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ )) ﻓﺈِﻥَّ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻣِﺎﺋَﺔَ ﺩَﺭَﺟَﺔٍ، ﻣَﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﻛُﻞِّ ﺩَﺭَﺟَﺘَﻴْﻦِ ﻛَﻤَﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ) ) ( [ 9 ] ) .
ﻭﺃﻋﻠﻰ ﺩﺭﺟﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﺍﻷﻋﻠﻰ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
)) ﻭﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﺃﻋﻼﻫﺎ ﺩﺭﺟﺔ ) )
( [ 10 ] ) .
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺣﺜﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﻧﺴﺄﻟﻬﺎ : )) ﻓﺈﺫﺍ ﺳﺄﻟﺘﻢ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺴﻠﻮﻩ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ ﺍﻷﻋﻠﻰ ) ) ( [ 11 ] ) .
ﻭﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ )) ﺇﺫﺍ ﺳﺄﻟﺘﻢ ﺍﻟﻠَّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺄﺳﺄﻟﻮﻩ ﺍﻟﻔﺮﺩﻭﺱ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﺮ ﺍﻟﺠﻨﺔ
Tidak ada komentar:
Posting Komentar
Catatan: Hanya anggota dari blog ini yang dapat mengirim komentar.